ملحمة غزة: قصة صمود وفداء
بسم الله الرحمن الرحيم
جراح لا تندمل في قلب غزة
في كل صباح ينهض أهالي غزة على أصوات الانفجارات لا على زقزقة العصافير، يتكرر المشهد نفسه: أب يبحث بين الأنقاض عن طفله، وأم تنادي على أحبائها تحت الركام. إنها ليست مجرد صور عابرة، بل واقع مرير تعيشه غزة منذ بداية أكتوبر، واقع تقشعر له الأبدان وتعجز عنه الكلمات.
الدماء تروي الأرض والضمير العالمي غائب
تُزهق الأرواح البريئة دون تمييز بين صغير وكبير، ويمتزج الغبار مع صرخات الألم التي لا يسمعها العالم، أو بالأحرى، يتجاهلها. تُحمل الجثامين في أكياس بلاستيكية، ويُدفن الأطفال دون جنازات تليق ببراءتهم. في غزة، لا يوجد مأمن، فالبيوت التي كانت ملاذًا للأمن أصبحت مقابر من حجر وحديد.
مأساة إنسانية في ظل تواطؤ دولي
رغم ضخامة الكارثة، يقف العالم موقف المتفرج، يراقب دون أن يتحرك، وكأن الدم الفلسطيني لا قيمة له. في الوقت الذي تتسابق فيه الدول للتنديد بأي أزمة صغيرة في أنحاء متفرقة من العالم، لا نسمع سوى صمت مخزٍ حين تكون غزة هي الضحية.
معاناة مضاعفة: من الحصار إلى الإبادة
لم تكتف آلة الاحتلال بالقصف المستمر، بل أمعنت في خنق غزة عبر حصار خانق: لا دواء ولا غذاء ولا ماء. حتى المستشفيات أصبحت عاجزة، والطواقم الطبية تعمل بوسائل بدائية في مشاهد تقطع نياط القلب. ومع ذلك، لا تزال غزة تنبض بالحياة وتقاوم بكل شرف.
طوفان الأقصى: لحظة فارقة في التاريخ الفلسطيني
في خضم هذه المحن، جاءت عملية طوفان الأقصى لتكشف عن وجه آخر للفلسطيني المقاوم، وجه لا يعرف الانكسار. لم تكن العملية مجرد رد عسكري، بل صرخة شعب قرر أن لا يركع للظلم. إنها لحظة ستُخلَّد في كتب التاريخ، وستبقى شاهدًا على أن للحق قوة لا تُقهر.
أطفال غزة... شهداء الحلم المؤجل
أكثر من خمسة آلاف طفل ارتقوا شهداء، كانت أحلامهم بسيطة: اللعب، الدراسة، والعيش بأمان. لكنهم رحلوا قبل أن تتحقق أمنياتهم. لم تُمنح لهم الفرصة ليكبروا، فقط لأنهم ولدوا في بقعة مستهدفة، وكأن وجودهم كان جريمة تستحق الإبادة.
بطولات تُحاكي الأساطير
من بين الأنقاض، تخرج غزة كالعنقاء، شامخة رغم الجراح. رجالها يقاتلون، ونساؤها يضمدن الجراح، وأطفالها يحملون في عيونهم حكاية وطن. إنها ملحمة أسطورية يعجز القلم عن وصفها، لكن التاريخ سيكتبها بأحرف من نور.
صمت الإعلام وتواطؤ الرواية المزيفة
الإعلام الغربي، الخاضع لمعادلات السياسة والمصالح، يقدّم الرواية الصهيونية دون تمحيص. يتغاضى عن الصور المؤلمة، ويشكك في الشهادات الحية، حتى بات كثير من الناس أسرى الأكاذيب والمغالطات. لكن الحقيقة ستسطع مهما طال ظلام التزييف.
غزة في الوجدان العربي والإسلامي
غزة ليست مجرد مدينة، بل رمز للأمة كلها. هي بوابة فلسطين إلى الكرامة، وهي التي تعيد للأمة هيبتها بعد أن باعها البعض في صفقات الخيانة والتطبيع. في كل شهيد من غزة، يولد ضمير جديد في قلب الأمة.
شهداء العزة لا يموتون
من كل فئات المجتمع، يرتقي الشهداء: أطباء، معلمون، أطفال، رجال مقاومة، وأمهات واجهن الموت بقلوب مطمئنة. لم تكن دماؤهم رخيصة، بل كانت وقودًا لإحياء الروح في أمة كادت أن تستسلم.
القدس بوصلة المعركة
كل ما يحدث في غزة لا ينفصل عن معركة الأمة الكبرى: الدفاع عن القدس الشريف. فالأقصى ليس فقط رمزًا دينيًا، بل عنوانًا للكرامة التي لا تُساوَم، وتاجًا على رأس كل من آمن بأن الظلم لا يدوم.
الملحمة مستمرة... والنصر وعد إلهي
رغم القصف والحصار، رغم الصمت الدولي وخذلان القريب، تواصل غزة معركتها بصبر وثبات. لن تنكسر، لأنها ليست وحدها. في قلوب الأحرار، في دعوات العجائز، في صلوات الفجر، هناك وطن يُدافع عنه، وأرض لن تُنسى.
غزة ليست مجرد ملحمة... بل عنوان مرحلة
غزة، رغم الجراح، تكتب فصلاً جديدًا في تاريخ الأمة، فصلاً من العزة والصمود والتحدي. من أراد أن يتعلم معنى الفداء، فلينظر إلى غزة. ومن أراد أن يعرف كيف تصنع البطولات، فليقرأ سطور هذه الملحمة.
اللهم فرج عن أهل غزة، وانصرهم على من ظلمهم، وكن لهم عونًا ومعينًا، إنك على كل شيء قدير.
